My Account Sign Out
My Account
Morning over the bay

عز الدين أبو العيش

بطل مسلم في المغفرة
اِبتسامة أمل للمستقبل

بقلم يعقوب يوسف Yacoub Yousif

27 نوفمبر. 2023
1 تعليقات
1 تعليقات
1 تعليقات
    أرسِل
  • نانسى

    بصراحه لا توجد كلمات استطيع ان اكتبها فهو بالحقيقه رائع افضل مننا

لقد صار الأخ عز الدين أبو العيش معروفًا لدى الكثيرين بفضل قصته التي تتسم بروح المغفرة والتسامح نحو قتلة بناته الثلاثة وابنة أخيه في حرب غزة عام 2009م بين الإسرائيليين والفلسطينيين. فهو يؤمن إيمانًا وجدانيًّا بضرورة التعايش السلمي بين الناس ولاسيما بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وأيضًا الاحترام المتبادل بل حتى محبة بعضهم لبعض. ويؤمن بأن الحل للقضية الفلسطينية يكمن في السلام والمصالحة بين الطرفين، لأنه يرى أن الناس لا يختلف بعضهم عن بعض. فجميعهم لديهم قلب نابض ورغبة في السلام، على خلاف ما يراه على الصعيد السياسي.

وقد عمل الأخ عز الدين طبيب أمراض العقم في مستشفى إسرائيلي، وأيضًا باحثًا طبيًّا. وهو أول طبيب عربي من غزة يعمل في مستشفى إسرائيلي، حيث كان يعالج مرضاه من فلسطينيين وإسرائيليين بغض النظر عن أصلهم. ولذلك كان لديه الكثير من زملاء العمل والأصدقاء والمعارف في إسرائيل، والكثير من هذه العلاقات كانت حميمة للغاية. ثم إنه قد حصل على شهادات طبية متخصصة من جامعات دولية معروفة.

والأخ عز الدين يعرف جيدًا معنى المعاناة، لأنه قاسى كثيرًا مع أهله مما أفرزته أحداث عام 1948م عند تأسيس دولة إسرائيل. وكانت طفولته صعبة للغاية وعانى من الحرمان والظروف المعيشية القاسية جدًا وبشكل غير معقول. وقد اشتغل أشغالاً شاقة ومختلفة وهو في عز صباه. ولكن كل هذه الحياة القاسية خلقت في داخله تصميمًا وعزمًا وطموحًا وسعيًا لمستقبل أفضل له ولشعبه.

ويمكنكم قراءة قصة حياته الكاملة في كتابه بالعربية «لن أكره» وبالإنجليزية «I Shall not Hate» وقد حاز عز الدين على جوائز دولية تقديرية كثيرة. وهو يقوم حاليًا بترويج السلام والمصالحة هو وأولاده وبناته. وقد أسس مؤسسة «Daughters for Life Foundation» إحياء لذكرى بناته الثلاث، حيث تُقدِّم هذه المؤسسة المنح الدراسية لتشجيع الشابات لمتابعة دراساتهن في جامعات فلسطين وإسرائيل ولبنان والأردن ومصر وسوريا.

ولم يأتِ قراره بمسامحة اليهود بهذه السهولة، فقد صارع داخليًّا في نفسه في هذا الموضوع. فكانت أصوات كثيرة تدعوه إلى الانتقام والأخذ بالثأر، ولكن كان هناك صوت آخر يدعوه إلى التسامح، وإلى عدم إراقة الدماء، وإلى كسر دوامة الشر ودوامة الانتقام، وكان ذلك الصوت صوت ضميره. فأخذ يتساءل مِمَنْ سيأخذ الثأر، أسيأخذه من أولئك الأطفال الإسرائيليين الأبرياء الذين كان يساعدهم على أن يولدوا؟ أم من أمهاتهم؟ أم من تلك الأسرة اليهودية التي قدمت له عملاً أثناء صباه؟ أم من أصدقائه الإسرائيليين؟ أم من زملاء عمله في المستشفى؟ أم من أصدقائه من دعاة السلام اليهود؟

وقد استضافته إحدى مدارس كنيستنا في الولايات المتحدة الأمريكية ليتكلم إلى طلاب الإعدادية عن تجاربه في الحياة وعن طموحاته وأمنياته للآخرين. وهو مليء حماسة وإيمان بقدرة الإنسان على تغيير الأوضاع من حوله. وبالرغم من أن دموعه كانت تسيل أثناء إلقائه الخطاب على الطلاب بسبب عذابه القلبي ولوعته وحزنه على فقدانه لبناته الثلاث، وبالرغم من الحرمان الذي لاقاه في طفولته وشبابه وهو يترعرع في مخيم جباليا في غزة، إلاَّ أننا رأينا أنه لم يسلِّم نفسه إلى فخ الكراهية وجنونها وتهوُّرها، رافضًا أن يقع في براثن الأحقاد المريضة، ولم يدعها تستولي عليه، بل نَشَلَ نفسه منها، واختار طريق السلام والمسامحة والمصالحة والكرامة الإنسانية. لأنه يعلم أن روح الانتقام والعنف لا تنتمي إلى الروح الإنسانية الأصيلة، بل هي دخيلة عليه، ولا تفرز إلا خرابًا وموتًا. وهو لا يريد أن يعيش وفقًا لها، بل وفقًا لروح الحياة. وهنا نتذكر كلام السيد المسيح وهو على الصليب عندما صلى لأبيه السماوي من أجل قاتليه، قائلاً: «يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ.» (لوقا 23: 34) وهو يؤكد على أن إيمانه بالله ودينه الإسلامي هو الذي يقويه على المضي في طريق السلام والغفران.

ومن اللافت للانتباه أننا نرى أن قصته تشبه قصة يوسف بن ألِعازَر Josef Ben-Eliezer الذي له خلفية يهودية وقصة ألياس شقور الفلسطيني المسيحي الذي كتب كتاب «أُخوَّة الدم» وبالإنجليزية «Blood Brothers.» فنرى أن هؤلاء الثلاثة، مسلم ويهودي ومسيحي، عانوا الأمرَّين من جراء أحداث زمان الحرب العالمية الثانية وأحداث عام 1948م، وما خلفته من أحداث وحروب ومآسي، وقصصهم تُقطِّع القلب، إلاَّ أنهم لم يُسلِّموا أنفسهم للبغض والكراهية والعنف، بل اختاروا طريق الغفران والسلام والمصالحة والمؤاخاة.

وفي هذه السطور القليلة، لا يسعني التعبير عن كل ما خاضه الأخ عز الدين أبو العيش في حياته، وعن كيفية وصوله إلى قراراته المسالمة الصعبة، ونصيحتي هي أن تقرؤوا كتابه «لن أكره،» ولكن قبل أن تقرؤوه يجب أن تعلموا أن القصة تدور في الحقيقة حول موضوع صراع الحياة، والتواجُه مع حقائق مُرَّة وصعبة، وسيأخذكم الكتاب إلى خيار السلام والغفران، ونبذ العنف والكراهية، الأمر الذي يجعلنا كلنا نصارع نفسيًّا مع قيمنا ومبادئنا المليئة بالعنف ومع انتفاخنا وكبريائنا، لكي نتمكن من اختيار مثل هذا القرار الصعب، قرار الغفران والمسامحة والمحبة، فهل تجرؤون على قراءته؟

Izzeldin Abuelaish
مساهمة من YacoubYousif يعقوب يوسف

يكتب عن قضايا الساعة لا سيما عن مسائل العنف والمغفرة والسلام. وعلى الرغم من عراقيته إلا أن شعاره «محبة جميع الناس». وهو عضو في الحركة المجتمعية المسالمة الدولية برودرهوف Bruderhof.

اِقرأ المزيد
1 تعليقات