My Account Sign Out
My Account
Community

ما المقصود بالحياة المشتركة؟

بقلم أسرة ‏التحرير

11 يوليو. 2025
0 تعليقات
0 تعليقات
0 تعليقات
    أرسِل

يتساءل بعض الناس عن الحياة المسيحية المشتركة وبأنهم لم يسمعوا عنها سابقًا ولم يروها من قبل، ويتساءلون أيضًا: أهي مجرد حياة جميلة ورائعة، أم ضرورية لمجتمع الكنيسة؟ فلذلك نقدم هذه المقالة من جملة مقالات متعددة عن هذا الموضوع.

الحياة المشتركة بوجه عام هي حياة الجماعة المسيحية التي يعيش جميع أفرادها حياة التكريس المؤبد والمقاسمة والخدمة بشكل طوعي، أي أنهم ينضمّون إليها بمحض إرادتهم. وقد تتألف مجتمعات الحياة المشتركة من عائلات وعزاب، أو من عزاب فقط كالحركات الرهبانية والعلمانية بشتى أنواعها. وينذر أفرادها حياتهم كلها للالتزام بوصايا المسيح وخدمة ‏الإخوة ‏والأخوات في مجتمع الكنيسة، وأيضا خدمة أخيهم الإنسان خارج مجتمعهم المسيحي، كلما تيسر لهم ذلك.‏

وإنّ الحياة المسيحية المشتركة ليست من ابتكارنا نحن البشر، بل هي الحياة التي عاشها المسيح مع جماعة تلاميذه، ومن ثم عاشتها الكنيسة الرسولية بعد ‏صعود ‏يسوع المسيح إلى السماء وحلول الروح القدس على الجماعة المسيحية في يوم الخمسين وانبثاق الكنيسة الأولى، ‏كما ‏يشهد لها الإنجيل:‏

وكانوا يُداوِمونَ على الاستِماعِ إلى تَعليمِ الرُّسُلِ وعلى الحياةِ المُشتَركَةِ وكَسْرِ الخُبزِ والصَّلاةِ‎‏. وتَمَّت عجائِبُ وآياتٌ ‏كثيرةٌ ‏على أيدي الرُّسُلِ، فاَستَولى الخَوفُ على جميعِ النُّفوسِ‎‏. وكانَ المُؤمِنون كُلُّهُم مُتَّحِدينَ، يَجعَلونَ كُلَّ ما عِندَهُم ‏مُشتَركًا ‏بَينَهُم، يَبيعونَ أملاكَهُم وخَيراتِهِم ويَتقاسَمونَ ثَمَنها على قَدرِ حاجَةِ كُلِّ واحدٍ مِنهُم‎‏. وكانوا يَلتَقونَ كُلَّ يومٍ في ‏الهَيكَلِ ‏بِقَلبٍ واحدٍ، ويكسِرونَ الخُبزَ في البُيوتِ، ويَتَناولونَ الطَّعامَ بِفرَحِ وبَساطةِ ‏قَلبٍ، ويُسبِّحونَ اللهِ، وينالونَ رِضى ‏النّاسِ ‏كُلِّهِم. وكانَ الرَّبُّ كُلَ يومِ يَزيدُ عَددَ الّذينَ أنعمَ علَيهِم بالخلاصِ‎‏. (أعمال الرسل 2: 42–47)‏

وتتضمن الحياة المشتركة مقاسمة الحياة بأفراحها وأحزانها وصعوباتها وصراعاتها الروحية وتحدياتها لوضع إرادة الله في ‏حيز التطبيق يوميا، ‏وتوفير الرعاية الاجتماعية والروحية والمعيشية لجميع أفرادها على حدّ سواء. وتتضمن أيضا المشاركة التامة ‏في الممتلكات والأملاك. وتعني ‏الحياة المشتركة ببساطة الحياة الأخوية بكل معنى الكلمة، ولكن أساسها المسيح ووصاياه.‏ ‏وتعيش جماعات مختلفة بصيغ مختلفة للحياة المشتركة. غير أن الشكل الخارجي لها ليس مُهِمّا، ولكن المهم هو وجود ‏الروح القدس نفسه، والوحدة الشاملة نفسها. وأهم عنصرين فيها، اللذين يجلبان بركات لا حدّ لها، هما المشاركة التامة والتكريس الكامل المؤبد.‏

Communal event

وتُعتبر الحياة المشتركة من أعظم معجزات يسوع المسيح، لأنها لا تشهد لقدرته على تغيير الأفراد فحسب، بل تشهد أيضا لقدرته على تغيير ‏جماعات ‏بأكملها، التي يشتاق أفرادها إلى أن يعيشوا وفقا لمبادئ ملكوت الله، الذي بشَّر به المسيح. والشيء العجيب في الحياة المشتركة هو أن المسيح ينعم عليها بالنصرة بعد كل صراع ‏من صراعات الحياة التي يمرّ بها أفرادها.‏ كما ينعم عليها أيضا باتفاق بالإجماع.

وهناك جماعات كثيرة عاشت الحياة المشتركة عبر مرّ التاريخ وتعيشها حتى في يومنا المعاصر، ومن ضمنها كنيستنا: ‏كنيسة الحياة المشتركة «‏برودرهوف Bruderhof.» ونحن لا نريد الاستعلاء على غيرنا أو إدانة أولئك الذين لا يعيشون الحياة المشتركة، وإنما نريد ‏أن لا نكون سوى شمعة صغيرة في ظلمة هذا العالم، وشاهد لملكوت الله على هذه الأرض.‏

أما الذي يسيّر هذه الحياة فهو الروح القدس، رغم وجود القساوسة والأساقفة. إلّا أن هذه الحياة ليست مثالية لأن قوامها هو نحن البشر بضعفنا البشري. ولكن الله قادر على أن يجعل مِنّا سفارة لملكوته رغم ضعفنا البشري، وذلك من خلال عمل روحه القدوس في نفوسنا، لو سمحنا له بذلك ولم نقف حجر عثرة أمامه. لأن كل شيء فيها، وكل تفصيل حياتي فيها، يشير إلى ملكوت السماوات.

وهذه الحياة نعمة إلهية خالصة، لأنها من عمل الله وحده وليس من عمل البشر. فيعود الفضل كله لله الذي ظهر في المسيح. فالمسيح هو حجر الأساس لهذه الحياة.

هذه المقالة هي المقدمة لكتاب: «أسباب حياتنا المشتركة»

0 تعليقات