My Account Sign Out
My Account
Morning over the bay

الجنس والمجال الحِسِّي

ما فكر الله لأحاسيسنا البشرية؟

بقلم يوهان كريستوف آرنولد Johann Christoph Arnold

13 فبراير. 2024

اللغات المتوفرة: English

0 تعليقات
0 تعليقات
0 تعليقات
    أرسِل

لأَنَّ كُلَّ خَلِيقَةِ اللهِ جَيِّدَةٌ، وَلاَ يُرْفَضُ شَيْءٌ إِذَا أُخِذَ مَعَ الشُّكْرِ، لأَنَّهُ يُقَدَّسُ بِكَلِمَةِ اللهِ ‏وَالصَّلاَةِ.‏ (الإنجيل، 1 تيموثاوس 4: 4 – 5)

 

الكتاب المُقدَّس يتحدث عن القلب باعتباره مركز الحياة الروحيَّة للإنسان. ففي القلب، يجري اتخاذ جميع القرارات، وتحديد الاتجاه الذي سيلعب دورًا في صياغة نوع الإنسان الذي سيُمثِّله. فنقرأ في الكتاب المُقدَّس عن دور القلب ما يلي:

أَنَا الرَّبُّ فَاحِصُ الْقَلْبِ مُخْتَبِرُ الْكُلَى، لأُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ طُرُقِهِ، حَسَبَ ثَمَرِ أَعْمَالِهِ. (إرميا 17: 10)

إلاَّ أن الله قد خلقنا أيضًا كائنات مليئة بالأحاسيس والمشاعر وتحب المُتع واللذات. فكل شيء ندركه بحواسنا ينتمي إلى المجال الحِسِّي، بما في ذلك الجاذبية الجنسيَّة. خُذ مثلاً أريج زهرة أو نسيمًا عذبًا أو ابتسامة الطفل الأولى، فكلها تجلب لنا السرور. لقد وهبنا الله عَطيَّة عظيمة في حواسنا، وإذا استخدمناها في حمده وتقديم الإكرام والمجد له، ففي وسع هذه المشاعر أن تُقدِّم لنا سعادة عظيمة. غير أنه مثلما يقدر التمتُّع باللذة على أن يقرِّبنا من الله، فإنه يقدر أيضًا على أن يضلِّلنا ويأخذنا عن جادة الصواب، حتى أنه يقدر على أن يأتي بنا إلى الظلمات الشيطانية. فغالبًا ما نميل إلى ما هو سطحي، ويفوتنا ما قد يهبه الله من قدرة وقوة. وحينما نتعلق بشراهتنا في التلذُّذ بحواسنا وملذاتنا، ننسى ما يخصُّ الله، وتفوتنا إمكانية تذوُّق العمق والسُّمُو الكامل لإرادته المُقدَّسة.

الفرح الدائم لا يكمن في حواسنا بل في الله

إذا رفضنا الحواس الطبيعية الحيَّة التي عندنا، وكرهناها، أصبحنا كمَنْ يرفض الله وما صنعته يداه، فنقرأ في الإنجيل:

وَلَكِنَّ الرُّوحَ يَقُولُ صَرِيحًا: إِنَّهُ فِي الأَزْمِنَةِ الأَخِيرَةِ يَرْتَدُّ قَوْمٌ عَنِ الإِيمَانِ، تَابِعِينَ أَرْوَاحًا مُضِلَّةً وَتَعَالِيمَ شَيَاطِينَ، فِي رِيَاءِ أَقْوَالٍ كَاذِبَةٍ، مَوْسُومَةً ضَمَائِرُهُمْ، مَانِعِينَ عَنِ الزِّوَاجِ، وَآمِرِينَ أَنْ يُمْتَنَعَ عَنْ أَطْعِمَةٍ قَدْ خَلَقَهَا اللهُ لِتُتَنَاوَلَ بِالشُّكْرِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَعَارِفِي الْحَقِّ. (1 تيموثاوس 4: 1–3)

فلا يشاء الروح القدس أن نرفض الجسد أو طاقاته العاطفية. ولكننا ينبغي أن لا ننسى أن الشيطان يسعى لتخريب كل شيء صالِح؛ إنه كذَّاب يلوي عنق الحقِّ، ويتقنص دائمًا أيَّ فرصة ليخدعنا، ولاسِيَّما في هذا المجال.

وغني عن البيان أن النفس تنجذب إلى الله بواسطة الروح، ولكنها تكون مرتبطة دائمًا بما هو جسدي بواسطة جسم الإنسان. فليس كياننا الجسدي هو العدو الحقيقي للروح، ويجب أن لا يُحتقَر الجسد أبدًا. أمَّا العدو الحقيقي فهو إبليس، الذي يحاول بصفة مستمرة أن يهاجم النفس البشرية ويفصلها عن الله. فإرادة الله توصينا بأن نضع كل جزء من أجزاء الحياة — الروح والنفس والجسد — تحت سلطانه لأجل خدمته، مثلما يقول لنا الإنجيل:

فَإِذَا كُنْتُمْ تَأْكُلُونَ أَوْ تَشْرَبُونَ أَوْ تَفْعَلُونَ شَيْئًا، فَافْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ لِمَجْدِ اللهِ. (1 كورنثوس 10: 31)

ثم إنه لا يوجد أيُّ شيء باطل في المجال الحِسِّي في حدِّ ذاته. فقبل كل شيء، فإنَّ كل ما نفعله، سواء المشي أو النوم هو اختبار حِسِّي بدرجة أو بأخرى. غير أننا، ولكوننا مخلوقين على صورة الله، ولسنا مجرد حيوانات، فالمطلوب مِنَّا أكثر من ذلك.

عندما يقع اثنان أحدهما في حب الآخر، فإنَّ الفرح الذي يعتريهما في بادئ الأمر يكون على صعيد الأحاسيس: فينظر أحدهما إلى عيني الآخر، ويسمع أحدهما صوت الآخر وهو يتكلم، ويجد كلاهما بهجة في لمس يد الآخر أو حتى في دفء اقتراب أحدهما من الآخر. وطبعًا تذهب عواطفهما إلى ما هو أعمق من مجرد النظر أو السمع أو المشاعر، ولكنه مع ذلك، فإنَّ بداية الحب تكون على صعيد الأحاسيس.

على أن الحب البشري لا يجوز له أبدًا أن يظَلَّ عند هذا المستوى — وينبغي أن يذهب إلى ما هو أسمى كثيرًا من ذلك. لأنه عندما تصبح اللذة غاية في حدِّ ذاتها، سيبدو كل شيء عابرًا ووقتيًّا، وترانا سنندفع للسعي لإشباع ذاتنا في المزيد من التجارب والمزيد من المُتع. ويُحَذِّرنا الإنجيل منها:

فَأَقُولُ هَذَا وَأَشْهَدُ فِي الرَّبِّ، أَنْ لاَ تَسْلُكُوا فِي مَا بَعْدُ كَمَا يَسْلُكُ سَائِرُ الأُمَمِ أَيْضًا بِبُطْلِ ذِهْنِهِمْ، إِذْ هُمْ مُظْلِمُو الْفِكْرِ، وَمُتَجَنِّبُونَ عَنْ حَيَاةِ اللهِ لِسَبَبِ الْجَهْلِ الَّذِي فِيهِمْ بِسَبَبِ غِلاَظَةِ قُلُوبِهِمْ. اَلَّذِينَ — إِذْ هُمْ قَدْ فَقَدُوا الْحِسَّ — أَسْلَمُوا نُفُوسَهُمْ لِلدَّعَارَةِ لِيَعْمَلُوا كُلَّ نَجَاسَةٍ فِي الطَّمَعِ. (أفسس 4: 17–19)

عندما نبذل جهودنا في تسميم أحاسيسنا، فإننا سرعان ما ننهك، ونُخرِّب مقدرتنا على استلام الطاقة الضرورية للحياة. وسنفقد أيضًا قدرتنا على تذوُّق أيِّ تجربة روحيَّة سامية. وقد أخبرني أحد معارفي عن تجربته، وهو متزوج منذ أكثر من 30 عامًا، فقال لي:

عندما تزوجتُ من زوجتي، أردتُ منها في بادئ الأمر أن ترتدي ملابس أنيقة ومُغرية. وكان ذلك في أيام انتشار «موضة» الميني جوب (أي التنورة القصيرة)، حيث كانت في نظري تبدو رائعة فيه. ولم أدرك حينذاك الأذية التي سببها موقفي هذا، لها، ولغيرها من الرجال، ولي شخصيًّا. فكنتُ في الحقيقة ومن خلال عملي هذا أشجِّع النظرة الشهوانية التي أدانها الرب يسوع المسيح بشكل قاطع. ولم ندرك هذا لا أنا ولا زوجتي إلاَّ بعد فترة لاحقة، فتحررنا عندئذ من التشديد المريض على المظهر الخارجي الجسدي، وتطلعنا إلى المزيد من العلاقات الأصيلة الطاهرة.

لن نكون قادرين على أن نعيش أمور هذه الدنيا بكل ملئها، ما لم نُسلِّم نفوسنا، بما في ذلك حواسنا، ونُخضِعها بكامل التوقير لله في يسوع المسيح. لقد رأيتُ أمثلة كثيرة كيف أن الناس الذين يركزون اهتمامهم في إمتاع حواسهم، تكون حياتهم ضحلة وبلا هدف. فعندما تتحكم حواسنا فينا، نَتدمَّرُ نفسيًّا ونصاب بالحيرة والالتباس. أمَّا الحياة بالخضوع لسيادة الله، فيمكننا فيها رؤية وتلمُّس ما هو أبدي في الأحاسيس. وبفضله يسعنا إشباع أعمق اشتياق للقلب، الذي هو اشتياق إلى ما هو أصيلٌ ودائمٌ.

عندما نُسلِّم الجانب الجنسي لله، يصبح عَطيَّة إلَهِيَّة

إنَّ اللذات والأحاسيس، بكونها هِبة من عند الله، هي سِرٌّ إلَهِيٌّ؛ أمَّا بدون الله فتفقد سِرِّيَّتها وتتنجس. وهذا ينطبق بالأخص على مجال الجنس برمته. فالحياة الجنسيَّة لها حرمتها البالغة، وكل واحد مِنَّا يخفيها عن الآخرين بصورة غريزية. فالجنس سِرُّ كل إنسان، وهو أمر يؤثر في الكيان الداخلي للإنسان ويُعبِّر عنه أيضًا. أمَّا كشفُ أيِّ جزء من هذا المجال، فإنما يكشف النقاب عما هو عزيز وغالٍ وشخصي لدى الإنسان، ويفسح المجال لشخص آخر للدخول إلى سِرِّه.

ومن هنا نرى أن الجانب الجنسي للإنسان — رغم أنه من إحدى العطايا الإلهية العظمى — إلاَّ أنه أيضًا يكون موضوعًا للعار والعيب. فينبغي أن نستحي من أن نكشف سِرَّنا للآخرين. وهناك سبب لهذا: فمثلما استحى آدم وحواء من عريهما أمام الله، لأنهما علما أنهما قد سقطا في الخطيئة، هكذا ينبغي أن نستحي نحن أيضًا؛ إذ يعلم كل واحد فينا بطبيعته الخاطئة، أيْ بمعنى أننا نعلم بأننا خطأة بالفطرة. ولا يُمثِّل الاعتراف بهذه الحقيقة خللاً أو اضطرابًا عقليًّا غير سليم، كما يزعم الكثير من علماء النفس. بل هو الرَّدُّ الفطري لكي نستر ما هو مُقدَّسٌ وموهوبٌ من قِبل الله، وهو اعترافٌ يأخذ كل شخص إلى التوبة.

إنَّ المقصود من الاتحاد الجنسي أن يكون تعبيرًا وتجسيدًا لرباط الحب الدائم الذي لا ينفصم. إذ إنه يُمثِّل قِمَّة تسليم النفس لإنسان آخر، لأنه يتضمَّن الكشف المتبادل لأعزِّ وأغلى الأسرار التي يملكها الإنسان. أمَّا الانخراط بأيِّ نشاط جنسي مهما كان نوعه بدون الاتحاد برباط الزواج، فيُعتبَر تدنيسًا ونجاسة. والممارسة الشائعة للجماع الجنسي قبل الزواج من باب «تجريب الأمر،» لا تَقِلُّ هَوْلاً وفظاعةً، حتى لو كانت مع شريك قد عزم الشخص الزواج منه، وبإمكانها تدمير الزواج المستقبلي تدميرًا جسيمًا. فلا يجوز إباحة التقارب الجنسي بشتى أنواعه، ولا يحقُّ إزالة ستار الحرمة الجنسيَّة بين أيِّ رجل وأيِّ امرأة، بدون بركة الله والكنيسة في إطار الزواج:

لِيَكُنِ الزِّوَاجُ مُكَرَّمًا عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ، وَالْمَضْجَعُ غَيْرَ نَجِسٍ. وَأَمَّا الْعَاهِرُونَ وَالزُّنَاةُ فَسَيَدِينُهُمُ اللهُ. (عبرانيين 13: 4)

غير أنه حتى لو كانت العلاقة ضمن إطار الزواج، وجب في هذه الحالة أيضًا وضع كل ما يخصُّ موضوع العلاقة الجنسيَّة تحت سلطان المسيح ووصاياه الطاهرة، إذا أُريد له أن يثمر ثمارًا طيبة. فالتناقض بين الزواج الذي مركزه المسيح، والزواج الذي مركزه الجسد، موصوف على أفضل وجه من قبل القديس بولس الرسول في رسالته إلى أهل غلاطية في الإنجيل، حيث قال:

وَأَعْمَالُ الْجَسَدِ ظَاهِرَةٌ الَّتِي هِيَ: زِنىً عَهَارَةٌ نَجَاسَةٌ دَعَارَةٌ، عِبَادَةُ الأَوْثَانِ سِحْرٌ، عَدَاوَةٌ خِصَامٌ غَيْرَةٌ سَخَطٌ، تَحَزُّبٌ شِقَاقٌ بِدْعَةٌ، حَسَدٌ قَتْلٌ سُكْرٌ بَطَرٌ، وَأَمْثَالُ هَذِهِ الَّتِي أَسْبِقُ فَأَقُولُ لَكُمْ عَنْهَا كَمَا سَبَقْتُ فَقُلْتُ أَيْضًا: إِنَّ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ هَذِهِ لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ. وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ، إِيمَانٌ وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ. ضِدَّ أَمْثَالِ هَذِهِ لَيْسَ نَامُوسٌ. وَلَكِنَّ الَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ، قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ. (غلاطية 5: 19–24)

إنَّ الذين ينظرون إلى الشهوة الجنسيَّة كنظرتهم إلى رذيلتي النهم والشراهة في مجال الأكل، لا يفهمون الأهمية المُتَميِّزة الكامنة في المجال الجنسي. فالأمر يختلف تمامًا، وشتان ما بين الاثنين. فعندما نستسلم لإغراءات الشهوة والنجاسة الجنسيَّة، فإننا نَتَدنَّس بطريقة تختلف تمامًا عما تسببه شراهة البطن، رغم أن هذه الشراهة قد أدانها الكتاب المُقدَّس أيضًا. فالشهوة والأمور الجنسيَّة غير الطاهرة تجرحنا في أعماق القلب والكيان. إذ تهاجم روح الإنسان في صميمها. فكلما سقطنا في أمور جنسيَّة غير طاهرة، وقعنا فريسة للقوى الشيطانية، وفسد كياننا كله. ولا يمكننا التحرر عندئذ إلاَّ بتوبة نصوحة من الأعماق، وبتجديد روحي.

عكس النجاسة الجنسية هو ليس التَّزمُّت في الشريعة

إنَّ عكس الأمور الجنسيَّة غير الطاهرة وعكس الشهوانية الجنسيَّة، هو ليس تكلُّف الحشمة والاستعفاف المفرط، أو التَّزمُّت الخُلُقي، أو التقوى الزائفة. فما أشد تحذير يسوع المسيح لنا من هذه الأمور!

وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ، وَهُمَا مِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوآنِ اخْتِطَافًا وَدَعَارَةً. أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّ الأَعْمَى! نَقِّ أَوَّلاً دَاخِلَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ لِكَيْ يَكُونَ خَارِجُهُمَا أَيْضًا نَقِيًّا. وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُورًا مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً، وَهِيَ مِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ. هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا: مِنْ خَارِجٍ تَظْهَرُونَ لِلنَّاسِ أَبْرَارًا، وَلَكِنَّكُمْ مِنْ دَاخِلٍ مَشْحُونُونَ رِيَاءً وَإِثْمًا. (متى 23: 25–28)

ينبغي أن يكون فرحنا بكل ما تتلذَّذ به حواسنا صادقًا، ونابِعًا من قلب حُرٍّ، وغير خاضع لأيِّ إكراه. وقد قال العالم الفرنسي باسكال Pascal: «نجد العواطف بأوج حيويتها وعنفوانها عند مَنْ يريد إنكارها.» فعندما يجري قمع الشهوة الجنسيَّة بالإكراه الخلقي بدلاً من تأديبها في داخل الإنسان، فما لها سوى أن تجد سُبلاً جديدة من الكذب والتقنُّع والانحراف لكي تظهر ويمارسها الشخص، كما يُبيِّن لنا ذلك الإنجيل:

«لاَ تَمَسَّ! وَلاَ تَذُقْ! وَلاَ تَجُسَّ!» الَّتِي هِيَ جَمِيعُهَا لِلْفَنَاءِ فِي الاِسْتِعْمَالِ، حَسَبَ وَصَايَا وَتَعَالِيمِ النَّاسِ، الَّتِي لَهَا حِكَايَةُ حِكْمَةٍ، بِعِبَادَةٍ نَافِلَةٍ، وَتَوَاضُعٍ، وَقَهْرِ الْجَسَدِ، لَيْسَ بِقِيمَةٍ مَا مِنْ جِهَةِ إِشْبَاعِ الْبَشَرِيَّةِ. (كولوسي 2: 21–23)

في زماننا الفاسد الذي لا يعرف العيب، تزداد صعوبة تربية الأولاد على توقير بالغ الحِسِّ لله ولكل ما خلقه. لذلك، يتحتم علينا بذل كل ما في وسعنا، وأكثر من ذي قبل، لتنشئة أولادنا بالطريقة التي تجعلهم يصبحون رجالاً ونساءً ملتزمين بحياة الطهر والنقاوة والعفاف عندما يكبرون — سواء تزوجوا أو لم يتزوجوا.

يجب أن نحرص على أن لا يتحدث أولادنا باستخفاف ودون توقير عن الأمور الجنسيَّة. غير أننا في الوقت نفسه لا يمكننا تجنُّب الموضوع. فإنَّ ما نحتاج إليه بالأحرى هو تنمية روحيَّة التوقير والاحترام لدى أولادنا. فيجب أن نعلِّمهم على فهم مغزى وقداسة الجنس وفقًا للترتيب الإلَهِي، ونُركِّز بشدة على أهمية حفظ أجسادهم طاهرة وغير دَنِسة، لأن الجسد مُخصَّص لأجل هدف واحد وهو الزواج. فيجب أن يتعلَّموا الإحساس — مثلما نتعلمه نحن الآباء والأمهات أيضًا — الإحساس بأن الجنس لا تتحقق جميع أبعاده إلاَّ في زواج طاهر ومُقدَّس بحسب الترتيب الإلَهِي، وعندئذ يعطي الجنس أعظم متعة.

يفرح الله عندما يعيش أيُّ زوجين متزوجين حديثًا في وحدة كاملة وبكل أبعادها: أولاً، الوحدة على الصعيد الروحي، وثانيًا، الوحدة على الصعيد القلبي والنفسي، وثالثًا، الوحدة على الصعيد الجسدي. وعندما يرفع الرجل والمرأة النقاب عن الجنس بكامل التوقير أمام الله، وفي علاقة معه، وفي ظل الوحدة الموهوبة منه، ستُمجِّد وحدتهما الله. ويَتعيَّن على كل زوجين أن يسعيا إلى مثل هذا التوقير لأن أنقياء القلب يعاينون الله. (متى 5: 8)

 

هذه المقالة مقتطفة من كتاب «دعوة إلى حياة العفة والنقاوة»

a couple strolls toward an orange sunset
مساهمة من JohannChristophArnold يوهان كريستوف آرنولد

هناك الكثير من المقالات والكتب الإلكترونية المجانية بقلم يوهان كريستوف آرنولد عن الزواج المسيحي واِتِّباع المسيح والصلاة والبحث عن السلام.

اِقرأ المزيد
0 تعليقات