My Account Sign Out
My Account
Morning over the bay

تحوُّل الرجال إلى رجال حقيقيين والنساء إلى نساء حقيقيات

ماذا يعني هذا التحوُّل؟
وهل هذا ممكن في هذا الزمان؟

بقلم ايبرهارد آرنولد Eberhard Arnold

12 فبراير. 2022
1 تعليقات
1 تعليقات
1 تعليقات
    أرسِل
  • nancy

    الموعظة على الجبل رائعة حقا، وأعظم شيء هو المحبة. ونحن الآن في زمن نفتقر فيه إلى المحبة، لكن السيد المسيح هو المحبة بنفسها، وهو أحنّ شخص على الوجود، وليس البشر.

لقد قيل إنه ينبغي أن نتحوَّل إلى ناس حقيقيين بكل ما تحمل الكلمة من معاني إنسانية، وأن نكرس أنفسنا لخدمة جميع الناس. وقد تمت رؤية هذه الإنسانية الحقيقية بكل وضوح في يسوع المسيح وفي موعظته على الجبل. ولتحقيق ذلك يجب أن تكون عندنا المحبة نفسها الموجودة عند الأطفال، لأن المحبة عندهم هي التي تسيِّرهم من دون أيِّ غاية أو مبتغى.

فإذا أمكننا استيعاب معنى أن نصبح ناس حقيقيين، وإذا حصلنا على موقف صحيح في خدمة جميع المتألمين؛ وإذا أمكننا أن نكون على سوية فيما قاله يسوع وشكل الحياة التي عاشها، وإذا اتفقنا على أن طبيعته قد ظهرت بجلاء في الموعظة على الجبل؛ وإذا أدركنا أن روح المحبة الطفولية هي كل ما نحتاج إليه — فبإمكاننا عندئذ التعرُّف على ذلك الروح الذي يأخذنا إلى حياة خدومة ومقدسة كهذه، وسيشعر بعضنا عندئذ قريبًا جدًا من بعض.

عندما قرأتُ الموعظة على الجبل في نهاية الحرب العالمية الأولى، توضَّحت لي أمور مهمة وحاسمة للغاية، يستحيل عليَّ أن أعبِّر عنها بكلمات قلائل. ومن الأفضل لكم كثيرًا أن تقرؤوا الموعظة على الجبل بحد ذاتها. ومع ذلك، أود أن أحكي لكم عن الشيء الذي أعجبني وأثَّر فيَّ بشكل حاسم، لدرجة أنني لا أزال أفكر في ذلك ليلاً ونهارًا.

إنَّ ممارسة العدل والطيبة والمحبة الاجتماعية التي يتحدث عنها يسوع المسيح في الموعظة على الجبل تختلف كُليًّا عن التعاليم الأخلاقية، والتقوى السطحية، والعقائد الجامدة لِلَّاهوتيين ومعلمي الأخلاق. ولهذا يتحدث يسوع عن الشجرة، والملح، والنور، والمدينة. فهو يتحدث عن الله وروحه القدوس.

يقول يسوع (بما معناه): «حذارِ من الفريسيين واللاهوتيين: حذارِ من معلمي الأخلاق الكاذبين عندما لا تتطابق أقوالهم وأفعالهم. فالشجرة تعرفونها من ثمارها.» وعندما يتحدث يسوع عن الملح، يقول لأولئك الذين هم من روحه: «أنتُم مِلحُ الأرضِ!» ماذا يعني يسوع بالملح؟ يتحدث يسوع هنا عن طبيعة أو جوهر شيء ما. وربما أنت لا تريد أن تسمع شيئًا عن الله؛ لكن تأمَّل في الطبيعة الجوهرية وماهية الشيء الوحيد الذي يمكن أن ينقذ العالم. فإنه إكسير الحياة، ولكنه بالتأكيد ليس إكسير الشيطان. إذ إنه ملح الأرض، والعنصر القادر على تحويل كامل فساد الأرض وخرابها إلى ولادة جديدة.

فما هذا العنصر؟ يتحدث يسوع المسيح عن ذلك في الكلمات الأولى من موعظته على الجبل، وبعد ذلك يتحدث عن الملح مباشرة. فتخبرنا كلماته الأولى ماذا سيكون عليه حالنا عندما نحصل على روح يسوع المسيح، وكيف سنكون عندما ننتسب إلى ملكوت الله ومستقبله. فيجب على هذه الكلمات أن تشتعل في قلوبنا وتصبح حيَّة، لأن ما يتحدث عنه يسوع هو القلب.

فهنيئًا للذين عندهم قلب. وهنيئًا للذين يُقدِّمون أعمال المحبة والرحمة، وهنيئًا للذين يبنون الوحدة والوئام في كل مكان. وهنيئًا للذين يقفون إلى جانب الفقراء؛ وهنيئًا للذين هم أنفسهم فقراء كالشحاذين. وهنيئًا للذين يقفون فقراءً روحيًّا أمام الروح القدس. وهنيئًا للفقراء الذين يعيشون فقرًا مدقعًا إلى درجة الجوع والعطش. وهنيئًا للذين يتضوَّرون جوعًا وعطشًا للعدالة، ولعدالة القلب، والمحبة، ولإحلال السلام في ظلِّ الوحدة الحقيقية. وهنيئًا لهم، لأنهم من الذين يشعرون بأوجاع العالم في قلوبهم، ومن الذين يشعرون بمعاناة العالم في أعماق كيانهم. وهنيئًا لهم، لأنهم لا يفكرون في أنفسهم فقط، لأن قلوبهم كلها متوجهة إلى الآخرين.

ومع ذلك، فإنهم من الذين يُسي الناس فهمهم، ويضطهدونهم، لأنهم يحبون العدل ولا يشاركون في الظلم. ولهذا فهم ملح الأرض. وهم لا يشتركون في الظلم الذي تسببه حبُّ وعبادة المال. إذ ليس لديهم أيُّ ثروة، ولا أيُّ حساب للاِدِّخار، ولا أيُّ شيء في البنك، ولا أيُّ استثمارات عقارية من أراضٍ أو بيوتٍ؛ وليس لديهم أيُّ مكان يلجئون إليه عندما تداهمهم الحاجة أو العوز. ويوصينا يسوع المسيح أن لا نُجمِّع كنوزًا هنا على الأرض، بل نُجمِّع السعادة الكامنة في تقديم خدمات المحبة للآخرين. فلتكُنْ سعادتكم بالمحبة، لكي تتفتَّح القلوب لكم أينما ذهبتم. ولكن غيرهم من الناس سيقابلونكم بالحقد والكراهية، لأنكم تُقدِّمون لهم العدل، وسيجري اضطهادكم، وملاحقتكم، وجرَّكم إلى الموت، بسبب رفضكم الاشتراك في الظلم. أمَّا في الأكواخ والأماكن المُتهرِّئة المفتوحة لكم، فسيُرحِّب بكم الناس فيها بكل حرارة ومحبة، وسيأوونكم فيها، لأنكم تحملون رسالة المحبة.

فهذا هو كنزكم، وهذه هي ثروتكم. وستحرركم هذه الحياة المسيحية المقدسة من كل همٍّ أو قلق على المعيشة. فستكونون قريبين من الطبيعة. وستعيشون مع الزهور، والطيور، ولن تقلقوا على ملبسكم أو مأكلكم. وستكونون في وحدة مع الطيور التي تجد طعامها، وفي انسجام مع الزهور المُرتدية أكسية أجمل بكثير من ملبس الرجال المتباهين أو النساء المتباهيات.

فهذه هي الخاصيَّة الجديدة للملح؛ فإنه النور. فالنور يجعل كل شيء زاهِيًا وصافيًا. ولا نقصد هنا بالنور الضعيف البارد الفاتر الخالي من الحياة. بل هو النور المتوهج من المدفأة والقنديل، إنه النور المُشِع من حلقة من المشاعل، أو الذي يفيض من نوافذ المنازل التي يكون فيها المجتمع حيًّا. فإنه نور الحقِّ الموجود في المحبة، والمحبة التي تبتهج بالحقِّ، والعدل، والنقاء والعِفَّة الجنسية. فإنه ليس محبة قائمة على عواطف جيَّاشة متهورة، ومشاعر تكتنفها الحزن والكآبة؛ فإنَّ ذلك لا يجلب سوى الظلم. فإنه المحبة التي تضيء الإيمان، وتجلب الوضوح في كل الأمور. والنور يشبه الملح، لأنه يستهلك ذاته، مثلما تحرق الشمعة ذاتها.

في الموعظة على الجبل، التي هي إعلان المحبة، يتحدث يسوع عن الزِّنَا، الذي يمكن أن يشمل أيضًا أفكار ومشاعر القلب النجسة. فالزِّنَا يُخرِّب علاقة المحبة التي تتسم بالوفاء، والصدق، والمسؤولية. إلاَّ أنَّ النور والملح يتغلبان على مثل هذه الأمور. وينطبق الشيء نفسه على الناس عندما يحلفون ويُقدِّمون النذور من أجل أن يُصدِّقهم الآخرون. فيقول يسوع بهذا الشأن (بما معناه): «بمجرد أن تفعل هذا، فإنك تُثبِتُ بأن لا أحد يُصدِّقك. فقُلْ بكل بساطة نعم أو لا. وكُنْ شخصًا حقيقيًا صادقًا كُليًّا.»

ويعتقد الناس بأن المحبة تقتصر على محبة أصدقائهم، من الذين يُظهِرون المحبة لهم. ولكن يسوع المسيح يقول: «أحبوا أعداءكم.» وهذا يعني أنك لا يمكنك أبدًا أن تقتل أحدًا. فلا يمكنك أن تؤذي أو تزهق أرواح الناس، لأنك يجب أن تحيا بمحبة مطلقة. وستصبح هذه المحبة كاملة، بحيث لا يمكنك الذهاب إلى المحاكم لمقاضاة غيرك. وإذا أراد أحد أن يأخذ رداءك، فاخلع جاكيتك وأعطه إياها أيضًا. وإذا طالبك أحد بأن تشتغل له ساعة واحدة، فاشتغل له ساعتين. فيجب أن يكون موقفنا كهذا الموقف مع كل شيء. فسيضفي على حياتك نوع من أنواع الكمال، بالرغم من أنك لن تصبح قديسًا. أمَّا الكمال فيتوقف على ما يلي: ستكون ضعيفًا جدًا، وستقترف الكثير من الأخطاء في حياتك؛ وستبدو ساذجًا، وتشعر بالإحراج لعدم الكفاءة، لأنك فقير في الروح، ومُتعطِّش وجائع إلى العدالة. ولن تكون كاملاً، لكنك ستحب الآخرين. فهذا هو الباب والطريق. وكل ما تتمناه لنفسك، تَمَنَّه للآخرين. وإذا كنت تترجَّى شيئًا من الناس، فأعطِ الشيء نفسه لهم.

لا شيء أعظم من المحبة. ولا شيء أقدس من المحبة. ولا شيء أحقُّ من المحبة، أو أكثر واقعية منها. لذلك، فلنُسلِّم حياتنا إلى المحبة، ونختم طوق المحبة علينا.

مساهمة من EberhardArnold2 ايبرهارد آرنولد

كان ايبرهارد آرنولد لاهوتيّا، وتربويّا، ومحررا صحفيّا، وراعيّا لكنيسة الحياة المشتركة «برودرهوف Bruderhof».

اِقرأ المزيد
1 تعليقات