My Account Sign Out
My Account
a fishing net

أتباع لا معجبون

ماذا يعني المسيح عندك؟

بقلم سورين كيركغارد Søren Kierkegaard

9 أكتوبر. 2020

اللغات المتوفرة: English

0 تعليقات
0 تعليقات
0 تعليقات
    أرسِل

من المعروف أن يسوع المسيح كان يستعمل باستمرار التعبير «أتباع.» فلم يطلب مطلقا معجبين أو متعبّدين أو أنصار أو ما شابه ذلك. كلا، إنه يدعو تلاميذ ليتبعوه. إذ يبحث المسيح عن أتباع لا عن أنصار.

لقد فهم المسيح أنه عندما يكون الإنسان «تلميذا» فإنَّ ذلك يقع في تناغم جوهري وعميق مع ما قاله عن نفسه. لقد قال المسيح: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ.» (يوحنا 14: 6) ولهذا السبب فهو لم يقتنع مطلقا بالأنصار الذين قبلوا تعاليمه فقط – ولاسيما أولئك الذين كانوا يتجاهلون تطبيق تعاليمه في حياتهم، أو يدعون الأمور تسير بحسب مجراها الدنيوي المعتاد. فقد كانت حياته الأرضية كلها، من البداية إلى النهاية، مخصصة فقط لأجل الحصول على أتباع، ولاستحالة صنع معجبين. فلا يوجد في يسوع المسيح أي شيء يستحق الإعجاب، اللهم إلا أن تكون قد أعجبتك حياة الفقر والشقاء والازدراء.

رجل يصطاد السمك بشبكة

ما الفرق إذن بين المعجب والتابع؟ إن التابع يسعى إلى أن يكون على غرار مثاله الصالح الذي يعجبه. أما المعجب فتراه متحفظا ويحاول إبقاء نفسه منفصلا عما معجب به. فهو يخفق في رؤية أن ما يعجب به يطلب منه مطالب، وبالتالي يفشل في أن يكون أو يسعى ليكون مثل الشخص الذي يعجب به.

إنَّ الرغبة في التعجب بدلا من التلمذة للمسيح هي ليست اِبتداع من قبل ناس أشرار. لا، إنها اِبتداع من قبل أولئك الذين يبقون أنفسهم منفصلة بسبب جُبنهم، ويبقون على بعد مسافة آمنة. والمعجبون هم على استعداد كبير لخدمة المسيح ما داموا قد اتخذوا التدابير الاحترازية، لئلا يتعرضوا إلى الخطر. بالإضافة إلى أنهم بحد ذاتهم يرفضون التسليم بأن الحياة التي يريدها المسيح تتطلب تضحيات. وفي الحقيقة، إنهم مستاؤون منه. لأن شخصيته الثورية غير المألوفة تغيظهم كثيرا حين يرون المسيح على حقيقته، بحيث لا يستطيعون بعد الآن تذوّق الاطمئنان الذي يفتشون عنه كثيرا. وهم يعلمون علم اليقين بأن الانضمام إليه والتقرُّب إليه معناهما أن يصل بهم الأمر إلى أن يكونوا على استعداد ليُمتحن إيمانهم. ورغم أن المسيح «لا يقول أي شيء» ضدهم شخصيا، إلا أنهم يعرفون أن حياة المسيح ضمنيا تدين حياتهم.

ويبقى هناك فرق بين المتعجب والتابع، أينما كانا. فلا يقدِّم المتعجب أي تضحيات حقيقية أبدا. فهو دائما يحسبها جيدا بحيث تكون النتيجة آمنة له. ورغم أنه يثمِّن المسيح بدرجة كبيرة جدا بلا كلل أو ملل، عن طريق الكلام، والتعابير، والترانيم، إلا أنه لا ينقطع عن أي شيء باطل، ولا يتخلى عن أي شيء، ولا يعيد بناء حياته، ولا يصبح مثل ما هو معجب به، ولا يدع حياته تعبِّر ما يُفترض به أن يتعجب به. ولكن الأمر يختلف بالنسبة إلى التابع. نعم، طبعا. فالتابع يبتغي بكل قوته وبكل إرادته أن يقتدي بالمسيح، ويسترخص كل غالٍ ونفيس في سبيله. ولكن ما يلفت النظر هو أن ما سيواجه، رغم أنه يعيش وسط «ناس مسيحيين،» يشبه الخطر الذي واجهه عندما أعلن جهرا شهادة إيمانه المسيحي لأول مرة وقت اهتدائه إلى الإيمان. وبفضل الحياة المسيحية المتفانية للتابع، ينكشف لنا من هو المعجب بالمسيح، لأن المعجبين ينزعجون ويستاؤون منه. حتى أن هذا الكلام هنا والمقدم في هذه الجمل، سيزعج الكثيرين – ولكنهم حتما ينتمون إلى المعجبين.

مساهمة من SorenKierkegaard سورين كيركغارد Søren Kierkegaard

فيلسوف ولاهوتي دنماركي كبير

0 تعليقات