My Account Sign Out
My Account
Grapes and leaves

كتاب ديداخي Didache:

تعليم الرب للأمم بواسطة الرسل الاثني عشر

بقلم المسيحيون الأوائل

18 يونيو. 2023
0 تعليقات
0 تعليقات
0 تعليقات
    أرسِل

إنَّ كتاب «ديداخي Didache» أو «تعليم الرسل» أو عنوانه الطويل «تعليم الرب للأمم بواسطة الرسل الاثني عشر» يقدِّم نظرة شاملة عن حياة الكنيسة في نهاية القرن الميلادي الأول وبداية القرن الميلادي الثاني. ويحتوي على أولى إرشادات المعمودية التي كانت تعطيها الكنيسة الأولى لطالبي المعمودية. ويشدِّد الكتاب على الهاوية السحيقة التي تفصل بين طريق الحياة وطريق الموت، الأمر الذي نحن في أمس الحاجة إليه لنضعه نصب أعيننا اليوم لكي نحيا وفقًا لوصايا الرب. ويعود تاريخ تدوين أول نسخة من هذا الكتاب إلى ما قبل نهاية القرن الميلادي الأول. ورغم أن هذا الكتاب غير مدرج ضمن كتب الإنجيل، إلاَّ أنه من كتب التراث المسيحي المفيدة جدًا للحياة الروحية. ويتكون من ستة عشر فصلاً. وإليكم النص الكامل للكتاب:

 

يوجد طريقان: طريق الحياة وطريق الموت. وشتَّانَ ما بينهما. فطريق الحياة كالآتي: أولاً، أحبب الله خالقك؛ وثانيًا، أحبب قريبك كنفسك. ولا تعامل غيرك بما لا تحب أن يعاملك به!

 

والآن، إليكم ما يعنيه هذا التعليم: باركوا لاعنيكم، وصلُّوا من أجل أعدائكم. وصوموا من أجل مضطهديكم، فأيُّ فضلٍ لكم إن أحببتم الذين يحبونكم؟ ألا تفعل الأمم ذلك؟ أمَّا أنتم فأَحِبُّوا مبغضيكم، فلا يكون لكم أعداء. وابتعدوا عن الشهوات الجسدية والدنيوية. ومَنْ لطمك على خدك الأيمن فحَوِّل له الآخر أيضًا، وستكون كاملاً. ومَنْ سخرك أن تمشي معه ميلاً واحدًا فامشِ معه ميلين. ومَنْ يأخذ ثوبك فأترك له الرداء أيضًا. ومَنْ يستحوذ على ما هو لك فلا تسأله أن يَرُدَّه، لأنك لا تستطيع على أيِّ حال. أمَّا مَنْ يسألك حاجة فأعطِه، ولا تطالبه أبدًا بأن يرُدَّها، لأن مشيئة الآب هي أن الجميع ينبغي أن يشارك بعضهم بعضًا في العطايا التي تلقيناها.

 

طوبى لِمَنْ يعطي حسب الوصية، لأنه ليس مُذنِبًا. والويل لِمَنْ يأخذ. أمَّا إذا أخذ أحد عن عَوَز فهو ليس مُذنِبًا بالتأكيد، غير أن الذي يأخذ عن غير عَوَز سوف يُحاسَب عن السبب والهدف اللذين من أجلهما أخذ. وسوف يوضع في السجن، ويجري تفحُّص عمله مَليًّا، ولن يُطلق سراحه حتى يُسلِّم آخر فلس. إلاَّ أنه قد قيل أيضًا حول هذا الموضوع: لِتَعْرَقْ في يدك الحَسَنة النابعة من محبة قلبك حتى تجد من هو أولى لتقديمها له.

 

والوصية الثانية في التعليم هي كالآتي: لا تقتل. لا تزنِ. لا تفسد الصبيان. لا تمارس العهارة. لا تسرق. لا تمارس السحر. لا تُحَضِّرْ سُمًّا. لا تشارك في الإجهاض أو قتل الطفل الوليد. لا تشته مُقْتَنى غيرك. لا تحلف زورًا. لا تشهد بالزور. لا تتكلم على الآخرين بالسوء. لا تكُن ناقِمًا. لا تكُن ذا رأيين أو ذا لسانين، لأن اللسانين فخٌّ مميتٌ. لا يكُن كلامك كاذبًا أو تافهًا، بل ليكُن مليئًا بالمعاني من خلال الأفعال. لا تكُن جشِعًا وطمَّاعًا دائمًا إلى المزيد، أو مخادعًا أو خبيثًا، أو تتخيَّل نفسك عظيمًا. لا تنصِبْ لقريبك المكايد الشريرة. لا تكره أحدًا. وَبِّخِ الناس، وصَلِّ من أجلهم، وأحبِبهم أكثر من حياتك.

 

يا بُنَيَّ، اُهرُب من كل شرٍّ، ومن كل ما يشبهه. ولا تغضب، لأن الغضب يؤدي إلى القتل. ولا تكُن سريع الانفعال أو مُشاجِرًا أو مُستشيطًا غضبًا، لأن كل هذه الأمور تُوَلِّدُ القتل. يا بُنَيَّ، لا تكُن شهوانيًّا، لأن الشهوة تؤدي إلى العهارة. ولا تستعمل لغة بذيئة، ولا تنظر نظرات شهوانية، لأن جميع هذه الأمور تؤدي إلى الزِّنَى. يا بُنَيَّ، لا تتنبأ عن المستقبل من خلال رموز الطبيعة، لأن ذلك يقود إلى عبادة الأوثان. ولا تستخدم قراءات التعاويذ السحرية، أو التنجيم، أو الشعوذات التطهيرية [كالخرافات، والحِرز لحماية حاملها]؛ حتى أنك ينبغي أن لا ترغب في مشاهدة مثل هذه الأمور، لأنها كلها تُوَلِّدُ عبادة الأوثان. يا بُنَيَّ، لا تكُن كاذبًا، لأن الكذب يؤدي إلى السرقة. ولا تكُن مُحِبًّا للمال، ولا تقع فريسة الطموحات الباطلة، لأن كل هذه الأمور تؤدي إلى السرقة. يا بُنَيَّ، لا تتذمر، لأن هذا يقود إلى التجديف؛ ولا تكُن عنيدًا أو سيء النية، لأن كل هذه الأمور تُوَلِّدُ التجديف. وكُن وديعًا، لأن الودعاء يرثون الأرض. وكُن صبورًا وذا قلب مُحِبٍّ. وكُن طيِّبًا. وكُن هادئًا وصالحًا، ومُرتعِشًا خشوعًا من جميع التعاليم التي سمعتها. ولا تتفاخر أو تسمح لقلبك بأن يكون وقِحًا ومغرورًا. ولا يتعلَّق قلبك بالمتشامخين والمتكبرين، بل التفت إلى الناس الصالحين والمتواضعين. وتقبَّل كل ما يحدث لك أو ما يؤثِّر بك بأنه خيرٌ، عالمًا بأن لا شيء يحدث بدون إذن الله.

 

يا بُنَيَّ، تذكَّر ليلاً ونهارًا ذاك الذي يُحَدِّثك بكلام الله. وأكرِمه كما تكرم الرب، لأن الرب نفسه موجود في المكان الذي تُعلَن فيه أُلوهيَّته. واسعَ يوميًّا لتكون في حضرة الناس المُكرِّسين حياتهم لله لكيما تنتعش روحيًّا بكلامهم. ولا تسبِّب الشِّقاق، بل صالِح بين المتخاصمين. وكُن عادلاً في أحكامك، ولا تنظر الوجوه في انتهارك للمعاصي. ولا تتردد في وجوب فعل التوبيخ.

 

لا تكُن مَنْ يبسط يديه للأخذ ويطبقهما عند العطاء. وإذا كسبتَ شيئًا بعمل يديك، فقدِّمه للمحتاجين فدية عن خطاياك. ولا تتردد في العطاء، ولا تتذمر عندما تعطي، لأنك سوف تعرف مَنْ هو المُعطي المجيد لمُجازاتك. ولا تصرف وجهك عن المحتاجين، بل شارك أخيك في كل شيء. ولا تقُل إنَّ لك أيَّ شيء يخصُّك، لأنه إذا كنتم تتقاسمون الأمور الأبدية، فكم بالحري الأشياء الماديَّة الفانية!

 

لا ترفع يدك عن ابنك أو ابنتك، بل عَلِّمهما مخافة الله منذ صباهما. ولا تأمُر بغضب أو باستياء عبيدك وإمائك الذين يرجون الإله نفسه، لئلا يفقدوا مخافة الله الذي هو سيِّدٌ عليكم جميعًا، لأن الله لا يدعو الناس بمحاباة؛ وإنما يجيء إلى أولئك الذين هيأهم بروحه القدوس. وأنتم أيها العبيد، اخضعوا لسادتكم باتضاع وتوقير كما لله. وأبغِضوا كل رياء وكل ما لا يرضي الرب. ولا تترك وصايا الرب أبدًا. واحفظها كما تسلمتها. فلا تُضِفْ شيئًا إليها ولا تحذف شيئًا منها. واعترف بخطاياك في الكنيسة ولا تُصَلِّ وضميرك مُثقَّلٌ بالخطايا. فهذا هو طريق الحياة.

 

أمَّا طريق الموت فيتضمن الآتي: فأول كل شيء، وفوق كل شيء، إنه طريق ملعون ومليء بالشرِّ: قتل، زِنى، شهوة اقتناء، فجور، سرقات، عبادة أوثان، تأثير على الآخرين بأعمال سحر، تسميم بالسحر، سلب، شهادات زور، رياء، خداع، نفاق، غرور، خباثة، تبجُّح، جشع، كلام قذر، حسد، قلة حياء، تَعَالٍ، تفاخُر. وإنه طريق أولئك الذين يضطهدون الحقَّ ويبغضون الحقيقة، الذين يحبون الكذب ولا يعرفون مكافأة البِرِّ، الذين لا يلتصقون بالخير ولا بالحُكم العادل، الذين لا يتعبون أبدًا من اِتِّباع الشرِّ بدلاً من الخير، وهم بعيدون عن الوداعة والصبر، الذين يحبون التباهي ويسعون للحصول على المكاسب، الذين يفتقرون إلى مشاعر العطف على الفقراء ولا يقفون مع المظلومين، الذين لا يعرفون خالقهم، الذين يقتلون أطفالهم ويُخرِّبون ما تصنع يدا الله، الذين يديرون للفقراء ظهورهم ويظلمون البؤساء، الذين يدافعون عن الأغنياء ويحكمون بالظلم على العمال. وإنهم خطأة في كل شيء! فخَلِّصوا يا أولادي أنفسكم من هذه الأمور كلها!

 

اِحترزوا من أن يُضِلُّكم أحد عن هذا الطريق للتعليم، لئلا يأخذكم بتعاليمه بعيدًا عن الله، لأنه إذا استطعتم أن تحملوا نير الرب كله أصبحتم كاملين؛ أمَّا إذا لم تستطيعوا ذلك، فافعلوا على قدر استطاعتكم. أمَّا فيما يتعلَّق بالأكل، فتناولوا أبسط طعامًا ممكنًا، ولكن امتنعوا كليًّا عن أكل اللحوم المُقدمة للأوثان، لأنها تُمثِّل عبادة لآلهة ميتة.

 

والآن فيما يتعلَّق بالمعمودية، عمِّدوا بهذه الطريقة: فبعد أن تُعلِّموا كل ما تَقدَّم من تعاليم، عمِّدوا بماءٍ جارٍ، باسم الآب والابن والروح القدس. وإذا لم يكن لديكم ماءٌ جارٍ بالقرب منكم، فعمِّدوا بالتغطيس في ماء آخر. وإذا لم تستطيعوا أن تعمِّدوا بماء بارد فعمِّدوا بماء دافِئ. وإذا لم يكن هناك أيٌّ من هذه المياه قريبًا عليكم، فاسكُبوا الماء على الرأس ثلاث مرات، باسم الآب والابن والروح القدس. وينبغي أن يصوم قبل المعمودية كلٌّ من المُعمِّد والشخص الذي سيتعمَّد، إضافة إلى بعض المؤمنين الآخرين إذا استطاعوا. واطلبوا من الشخص الذي سيتعمَّد أن يصوم يومًا أو يومين. ولا تصوموا مع المرائين، لأنهم يصومون في اليوم الثاني والخامس بعد السبت. أمَّا أنتم فصوموا بدلاً من ذلك في اليوم الرابع وفي اليوم السابق للسبت. ولا تصلُّوا كما يُصلِّي المراؤون، بل صلُّوا كما أوصانا الرب في إنجيله. فصلُّوا هكذا:

 

أبانا الذي في السموات،

ليتقدس اسمك؛

ليأت ملكوتك،

لتكُن مشيئتك

كما في السماء كذلك على الأرض؛

أعطِنا خبزنا كفافنا اليوم،

واغفِر لنا خطايانا،

كما نحن أيضًا نغفر لكل مَنْ يُذنِب إلينا،

ولا تدخلنا في تجربة،

لكن نَجِّنَا من الشرير.

لأن لك القوة والمجد إلى الأبد.

 

وصلُّوا هكذا ثلاث مرات في اليوم.

 

وفيما يتعلَّق بوليمة الشُّكر (أو الاحتفال بالعشاء الرباني)، قدِّموا شكركم بهذه الطريقة، أولاً بالكأس:

 

نشكرك، يا أبانا، على الكرمة المقدسة التي لداود خادمك. لقد أعلنت هذه الكرمة لنا بيسوع ابنك. المجد لك أبد الدهور!

 

ثم بالخبز المكسور:

 

نشكرك يا أبانا، على الحياة والمعرفة، اللتين أعلنتهما لنا بيسوع ابنك، المجد لك أبد الدهور! فكما أن هذا الخبز المكسور، كان مرة [قمحًا] مُبعثرًا على التلال، وقد جُمِع ليصير [رغيفًا] واحدًا، فهكذا سوف تُجمَع كنيستك من أقاصي الأرض في ملكوتك. لأن لك المجد والسلطان بيسوع المسيح أبد الدهور.

 

لا تسمحوا لأحدٍ بأن يأكل ويشرب من وليمة شُكركم إلاَّ الذين تَعَمَّدُوا باسم الرب، لأن الرب قال بخصوص هذا أيضًا: «لا تُعطوا القُدس للكلاب.» وبعدما تشبعون، اشكروا هكذا:

 

نشكرك أيها الآب القدوس، على اسمك القدوس، الذي أسكنته في قلوبنا، وعلى ما أعلنته لنا من معرفة وإيمان وخلود بيسوع، ابنك. المجد لك أبد الدهور! أنت أيها الإله القادر على كل شيء، أسست الكون إكرامًا لاسمك، وأعطيت الناس طعامًا وشرابًا للتلذُّذ بهما، لَعَلَّهم يشكرونك. أمَّا نحن فقد أعطيتنا طعام الروح القدس وشراب الروح القدس وحياة أبدية بيسوع ابنك. وقبل كل شيء، نشكرك لأنك قديرٌ. المجد لك أبد الدهور! واذكر يا رب كنيستك، لتُنجِّيَها من كل الشرور وتجعلها كاملة في محبتك. واجمع الكنيسة المقدسة، من الجهات الأربع في ملكوتك الذي أعددته لها. لأن لك السلطان والمجد أبد الدهور.

 

لِتأتِ النعمة، وليمضِ العالم!

هوشعنا لإله داود!

مَنْ كان مُقدَّسًا، فَلْيأتِ؛ ومَنْ لم يكُن، فلْيَتُبْ توبة شاملة!

يا ربنا تعال!

آمين!

 

ثِقُوا بالأنبياء في تقديم الشُّكر كلما يرونه مناسبًا.

 

لذلك، مَنْ جاء وعلَّمكم بكل ما سبق اقبلوه. ولكن إذا كان هو نفسه مُعلِمًا كاذبًا وينادي بتعليم مغاير يؤدي إلى الانحلال، فلا تستمعوا إليه؛ لكن إذا كان تعليمه يزيِّد العدل والمعرفة بالرب، فاقبلوه كما تقبلون الرب.

 

أمَّا عن الرسل والأنبياء، فتصرفوا بحسب تعليم الإنجيل. فكل رسول يقوم بزيارتكم يجب أن ترحِّبوا به كما ترحِّبون بالرب. ويجب أن لا يمكث أكثر من يوم واحد، وعند الضرورة يبقى يومًا آخر أيضًا. وإذا مكث ثلاثة أيام، فهو نبيٌّ كاذِبٌ. وعندما ينصرف الرسول ينبغي أن لا يقبل إلاَّ ما يكفيه من خبز للطريق لغاية وصوله إلى مكان مبيته التالي. لكن إذا طلب مالاً فهو نبيٌّ كاذِبٌ.

 

وبالنسبة إلى كل نبيٍّ يتكلم بالروح، يسري ما يلي: لا تُسائِلوه ولا تنتقدوه! لأن كل خطيئة تُغفر إلاَّ هذه الخطيئة. ولكن ليس كل من يتكلم بالروح نبيًّا، إلاَّ إذا كان له سلوك الرب. وعليه، يمكن معرفة الفرق بين النبي الكاذب والنبي الحقيقي من خلال سلوكهما. فالنبي الذي يَدَّعي بأنه يتكلم بالروح القدس، ويأمر بإعداد وجبة طعام، لن يأكل منها. فإذا أكل منها فهو نبيٌّ كاذِبٌ. وعلاوة على ذلك، كل نبي يُعلِّم الحقَّ ولا يعمل بما يُعلِّم هو نبيٌّ كاذِبٌ. لا تدينوا نبيًّا مُجرَّبًا ثبت أنه نبيٌّ حقيقيٌّ، إذا عبَّر عن أمرٍ يتعلَّق بِسرِّ الكنيسة ولكنه لا يُعلِّم الآخرين أن يفعلوا الأمر نفسه. فدينونته متروكة لله، لأن الأنبياء القدماء تصرفوا أيضًا بالطريقة نفسها. ولكن إذا يقول أحدٌ بالروح: «أعطِني مالاً» أو أيَّ شيء آخر، فلا تستمعوا إليه. أمَّا إذا طلب منكم إعطاء شيء ما إلى الآخرين المحتاجين، فلا يدينه أحد.

 

كل مَنْ يأتيكم باسم الرب اقبلوه. وسوف تختبرونه عندئذ وتعرفونه، لأنه سيكون لديكم الفهم للتمييز بين اليمين واليسار. وإذا كان القادم إليكم مجرد شخص مسافر، فساعدوه على قدر استطاعتكم، ولكن ينبغي أن لا يمكث عندكم أكثر من يومين، وإذا لزم الأمر ثلاثة أيام. وإذا أراد أحد أن يستقر عندكم، فليعمل في مجال عمله لكسب قوته. ولو لم تكُن لديه حرفة أو صنعة فاستعملوا حكمتكم لتدبير الأمر للتأكُّد من عدم وجود أيِّ مسيحي عاطل يعيش بينكم. وإذا لم يُرِدْ أن يعمل، فهو يريد المتاجرة بإيمانه المسيحي. فاحترزوا من أمثاله.

 

كل نبي حقيقي يريد أن يستقر بينكم فإنما هو مُستحِق طعامه. وبالمثل، فإنَّ المعلم الحقيقي يستحِق طعامه كالعامل. لذلك، خذوا دائمًا باكورة نتاج معصرة العنب والبيادر، ومواليد الأبقار والأغنام، وقدِّموها للأنبياء، لأنهم رؤساء كهنتكم. أمَّا إذا لم يكُن عندكم أيُّ نبي، فقدِّموها للفقراء. وعندما تخبزون، خذوا باكورته وقدِّموها حسب الوصية. وبالمثل، عندما تفتحون جرِّة جديدة من النبيذ أو الزيت، خذوا باكورتها وقدِّموها للأنبياء. ويسري هذا أيضًا بالنسبة إلى المال والملابس والممتلكات الأخرى، فخذوا الباكورة وفقًا لِمَا ترتؤونه صائبًا، وقدِّموها لهم حسب الوصية.

 

وفي يوم الرب اجتمعوا، واكسروا الخبز وقدِّموا الشُّكر، ولكن اعترفوا أولاً بخطاياكم لكي تكون تَقدِماتكم طاهرة. أمَّا مَنْ كان على خلاف مع صاحبه فلا يشترك في اجتماعكم حتى يتصالحا، لكيلا تكون تَقدِماتكم مُدنَّسة. لأن هذا ما قاله الرب: «في كل مكان وزمان، قَرِّبوا لاسمي تَقدِمة طاهرة، لأني ملك عظيم، يقول الرب، واسمي عجيب بين الأمم.»

 

أقيموا لكم أساقفة وشمامسة جديرين بالرب، رجالاً وُدعاءً غير محبين للمال، وصادقين ومُجرَّبين، لأنهم يقدِّمون لكم أيضًا خدمة الأنبياء والمعلمين. لذلك لا تهمِّشوهم، لأنهم من الرجال المُكرَّمين بينكم إلى جانب الأنبياء والمعلمين. وليوبِّخ بعضكم بعضًا، لا بغضب بل بسلام، كما ترونه في الإنجيل. وبالإضافة إلى ذلك، فإنْ أخطأ أحدٌ إلى آخر، فلا يُكلِّمه أحدٌ، ولا يسمع منكم أيَّ كلمة إلى أن يتوب. ولتكُن صلواتكم وعطاياكم القلبية وكل ما تفعلونه بحسب ما تجدونه في إنجيل ربنا.

 

اسهروا على حياتكم! ولا تدعوا مصابيحكم تنطفئ، ولا أحقاءكم تنحَلُّ؛ بل كونوا مستعدين، لأنكم لا تعرفون الساعة التي يأتي فيها ربنا. واجتمعوا كثيرًا واسعوا إلى ما يهم أرواحكم لأن طيلة زمان إيمانكم لا تنفعكم شيئًا ما لم يجعلكم الله كاملين في الساعة الأخيرة. لأنه سوف يظهر عدد كبير من الأنبياء الكذبة والمفسدين في الأيام الأخيرة. وسوف تتحول الحُملان إلى ذئاب، والمحبة إلى كراهية. وبسبب تزايد المعصية، سوف يتباغض الناس ويضطهد بعضهم بعضًا ويسلِّمون بعضهم بعضًا. عندئذ يظهر مُضَلِّل العالم على شبه ابن الله. وسوف يصنع آيات وعجائب؛ وتصبح الأرض في قبضة يديه؛ وسيرتكب أعمالاً فظيعة لم يحدث مثلها منذ البدء على الإطلاق. عندئذ يدخل الجنس البشري نار الاختبار، ويتعثَّر كثيرون. أمَّا الذين يثبتون في إيمانهم فسوف يُخطَفون في الوقت المناسب من مُضَلِّل العالم، ذلك اللَّعين. عندئذ تظهر علامات الحقِّ: أولها علامة الذراعين الممدودتين في السماء؛ ثم علامة صوت البوق؛ وثالثًا قيامة الأموات، ولكن ليس جميعهم، وإنما كما قيل: «ويأتي الرب إلهي وجميع القديسين معه.» حينئذ سيرى العالم الرب آتِيًا على سُحُب السماء.

 

هذا الكتاب موجود في كتاب «شهادة الكنيسة الأولى»

Alpha early christian symbol
0 تعليقات