لا تمارسوا أبدا أيّ ضغط على أيّ إنسان في مجال الإيمان أو المحبة. وانتظِروا بصبر وقت الله لكل شخص. فتحتاج هذه الأمور إلى وقت حتى تنضج وتنمو بحسب أسلوب الله، ويجب علينا أن لا نتصرف بشكل مستقل عن الله للتدخل في خطته. ومن أسوأ الأخطاء التي يرتكبها الناس في بعض الأوساط الدينية، هو ذهابهم بتخبُّطٍ إلى الناس بإرادتهم البشرية ومن تلقاء ذاتهم، وإفساد كل شيء، عندما يدخلون إلى النمو الروحي الذي يرعاه الله من خلال يسوع في ذلك الشخص. فقد احتاج هذا النمو الروحي في داخل كل مِنّا إلى وقت معين، ولم يكن لأيّ إنسان شغل فيه ليحشر نفسه أو يتدخل فيه. فقد كان نمونا بحاجة إلى نور الله لكي يوضحه وينوّره، وأيضا بحاجة إلى ناره المقدسة لكي تُنَقّيه. بعدئذ، وعندما أصبحنا مستعدين روحيّا، تمكنّا من قبول حقيقة المسيح، ومحبة الله، وسلام ملكوته.


الإكراه المعنوي بجميع أشكاله مرفوض رفضا تاما في الكنيسة. ولكن، ما الإكراه المعنوي؟ إنّ الإكراه بشتى أنواعه هو ضغط يسلّطه شخص على غيره. أما الله فلا يستعمل الإكراه أبدا. ولا يوجد خصم شرير ومخالف لكلمة الله أكثر من التعاليم البشرية. فقد عارض يسوع المسيح بشدة النبوءات الكاذبة، وكذلك الفَرِّيسيّين الذين كانوا يمثلونها، وانتهرهم عليها، قائلا: «أبطَلْتُم كلامَ اللهِ... بِتعاليمَ وضَعَها البشرُ!» (متى 15: 6–9) ومن بين أسوأ الأنبياء الكذبة هو ذاك الذي يريد أن يفرض إرادته على الآخرين، وهذا العمل مجرد عمل بشري بحت مثلما هو تزمّت خُلُقي. ولدى الإكراه المعنوي آثار مشابهة للعنف البدني، وهو يقتل بدرجاته القصوى. حتى إنه في بعض الحالات يدمّر أكثر من العنف البدني. ويعمل في أسوأ أشكاله على انتهاك حياة الشخص بأسرها وتدنيسها.


يتساءل العديد من الناس: لماذا لا يفرض الله إرادته عليهم، ما دام له ذلك الجبروت؟ والجواب هذه ببساطة طبيعة الله. فهو ينتظرنا لنكون مستعدين له. ورغم أنه يؤدب الذين يحبهم ويدعوهم إلى التوبة؛ ولكنه لا يفرض أبدا صلاحه عليهم.

ولتوضيح هذه النقطة نضرب المثال التالي: فلو حاول أحد الآباء أن يفرض نواياه الصالحة على ابنه، وذلك عن طريق الأخذ بخناق ولده، والقبض على رقبته، وإجباره بالإكراه على قبولها، لشعر الولد غريزيا بأن تصرفا كهذا بعيد كل البعد عن المحبة. ولهذا السبب لا يفرض الله إرادته على أيّ إنسان كان. لذلك نرى الآن أننا نتواجه تلقائيا مع سؤال مهم جدا، وهو كالآتي: أنرغب في تسليم أنفسنا لله طوعيا ودون إكراه – وأن نفتح أبواب قلوبنا ليدخل صلاحه ويملأ حياتنا كلها؟

قال يسوع المسيح: «هَا أَنَا وَاقِفٌ خَارِجَ الْبَابِ أَقْرَعُهُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ فَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي.» (رؤيا 3: 20)


هذه المقالة مقتطفة من كتاب «ثورة الله» ومن كتاب «التحرر من الأفكار الأثيمة»